(( أحد التجديدات ....زمن الخلاص والتحرر وزمن الحياة الجديدة )) (( الأحد الأول بعد الفصح ....أحد توما ))
ألأحد الذي بعد الفصح وهو أحد القديس توما ويسمى أيضا "الأحد الجديد"
تُسمي الكنيسة هذا الأحد بالجديد لأن حياتها تجددت وتبدلت وتغيرت، لأن زمن الموت والخطيئة وزمن العبودية قد تغيّر وتبدل وأصبحنا نحيا في زمن جديد هو زمن الخلاص والتحرر وزمن الحياة الجديدة،
لأن الرب الناهض من القبر أجازنا من الموت الى الحياة. وهذا السلطان أعطي للرسل في أورشليم اذ جرت على أيديهم آيات وعجائب في الشعب كما جاء في أعمال الرسل من الكتاب المقدس .
ولكثرة ما كان تأثير القيامة كبيراً لم يكن الانضمام الى الرسل بالأفراد بل جماعات جماعات
وكان الناس لقوة إيمانهم بحدث القيامة كما عرفوه على لسان الرسل يضعون مرضاهم في الطريق ليقع ظلّ بطرس او احد التلاميذ عليهم ليشفوا
والشفاء كان يتم لإيمان المرضى وذووهم بأن القيامة قد تمت فعلاً وان ما يبشر به الرسل هو حقيقة وليست خرافة. وما زاد دهشةً أن هؤلاء الرسل كانوا من الأميين غير المتعلمين تتدفق فيهم حياة جديدة لا يهابون الموت في سبيل ملكوت الله ونشر قيامة المسيح وقد جرت على أيديهم آيات وعجائب كثيرة.
ويزيد من حدث القيامة جمالاً ورونقاً ما ورد على لسان الإنجيلي يوحنا في إنجيل هذا النهار عن الرسول توما الذي كان غائبا حين ظهر المسيح القائم من بين الأموات للرسل، وعندما اخبروه ان المسيح قام أبى أن يصدق ووضع شروطاً مُحرجة كي يؤمن.
إن قيامة المسيح حدث خطير تحققه الرسل بشكل قاطع لا يقبل الشك، مما دفعهم بكل حماس الى التبشير به غير آبهين بالإضطهادات والعذابات والسخرية والمشقات ولا بالموت المحتم.
ويأتي توما واضعاً شروطه:" إن لم أرَ موضع المسامير... وأضع إصبعي في ... وأضع يدي..." كان هذا شرطه للإيمان بالمسيح القائم.
لقد كان موقف توما تحقير للرسل إذ رفض أن يصدق شهادتهم...
مسكين يا توما !! فماذا يكون موقفه، لو وضع له الوثنيون الذين بشرهم الشروط التي وضعها هم ليؤمن؟... كيف يُثبت لهم قيامة المسيح.
لقد سمح الرب يسوع المسيح بتردد توما وقلة إيمانه ليزيدنا تأكيدا وتأييدا لقيامته، وليكون توما، الرسول المتردد عِبرةً للأجيال القادمة.
لقد ظهر المسيح للرسل وكان توما معهم، وحدث ما أراد، فقال له المسيح:"هات إصبعك..." "ولا تكن غير مؤمنٍ بل مؤمناً". كم كان عطوفا وحنونا هذا المسيح بالرد على موقف توما، وقد قهر الشر بالخير.
وصرخة توما حالاً بعاطفة الإتضاع والتذلل والخجل والمحبة والإيمان الحي بألوهية المسيح:"
ربي والهي !" لم يظهر المخلص لتوما فقط بل لسائر الرسل مجتمعين معا ليعيد الإيمان الى قلب الرسول المتردد ويشدد إيمان سائر الرسل.
هذا هو حال معظمنا نحن المؤمنون، نود دائما أن نبرهن إيماننا بما هو محسوس وثابت علمياً، فنبني إيماننا على الإختبار الشخصي الحسي. إن الإنسان مخلوق محدود مهما علا شأنه وذكاؤهُ والله كائن غير محدود، فلا يُعقل أن يفهم المحدود غير المحدود وأسرار ديانته الإلهية كلها؟.
"لأنك رأيتني يا توما آمنت؟ طوبى للذين لم يروا وآمنوا":
بهذه الآية ميّزَ الرب يسوع بين نوعين من الإيمان: الإيمان المبني على الإختبار الشخصي المحسوس، والإيمان المبني على الثقة التامة بصدق المُخبر الأمين، وعلى الإختبار الشخصي الداخلي غير المحسوس. لقد قَبِلَ الرب بشرط توما ليُظهر حقيقة قيامته للمنكرين والمترددين. إن قلة إيمان توما دواء شافٍ لقلة إيماننا ولطالبي الشواهد الحسيّة.
لقد رأوا الرسل المسيح القائم من بين الأموات وأكلوا معه ولمسوا جسدهُ. وقد طوّب المخلص الذين يؤمنون بدون أن يروا. وهذا تعزية لنا نحن الذين بنينا إيماننا على الثقة التامة بصدق الله والإنجيل وشهادة الرسل على تعاقب الأجيال.
" فلا تكن غير مؤمنٍ بل مؤمناً "