:D رحلة الجسد بعد الموت :D
أينما يممنا وجوهنا شرقا وغربا سنجد من يحدثنا عن رحلة الروح بعد الموت ،
فالأديان تجمع على أهمية الروح، فهي التي تحاسب، تثاب أو تعاقب، ثم تمضي إلى نعيم أو جحيم،
أما الجسد فيقبع في القبر بلا أهمية، فهو لا محالة عائد إلى عناصره الأولية، ولن يتبقى منه في النهاية،
من كل ذلك الكبر والغرور، سوى حفنة تراب!.
بيد أن الناس لا تفكر في أرواحها قدر تفكرها في أجسادها، فالروح من علم الغيب،
أما الجسد فهو ذات الإنسان وكيانه الذي عاش معه وأهتم لسلامته طيلة حياته،
وهو الذي سيبقى في النهاية وحيدا
يتعفن ببطء في ظلمات القبور. وبسبب الأهمية الكبرى التي يوليها البشر لأجسادهم،
قررنا أن نترك الروح في حالها، لأنها من شأن بارئها، وعزمنا على ملاحقة الجسد في رحلته الأخيرة نحو الفناء،
فمن الجيد أن يعرف الإنسان أي درب سيطوي إذا أزف وقت الرحيل.
**هذه هي النهاية الحتمية**
هابيل وقابيل
الكتب المقدسة حدثتنا عن أول الأموات، هابيل أبن آدم، الشقيق الذي راح ضحية مشاعر الحسد والغيرة
المتأججة في قلب شقيقه فأضحى بذلك أول قتيل في التاريخ، ولعلها ليست من باب الصدف أن يبدأ تاريخ البشر
مع الموت بجريمة قتل، بل هي حتما توطئة ومقدمة لصراع طويل بين الخير والشر سيستمر فوق هذه الأرض
إلى ما شاء الله ولنفس أسباب الجريمة الأولى .. الحسد والغيرة ..
ونحن هنا لسنا بصدد التطرق إلى تفاصيل قصة هابيل وقابيل، فهي معروفة لمعظم الناس،
لكن الذي يعنينا منها، هو حيرة القاتل وتخبطه في كيفية التخلص مع جثة القتيل،
فقابيل لم ير ميتا ولا شاهد قبرا في حياته، لذا تدخلت العناية الآلهية لتريه السبيل الأمثل.
**أول قبر في التاريخ**
قبور بدائية
الدلائل التاريخية تتفق عموما مع ما ذكرته النصوص المقدسة حول أن البشر دفنوا موتاهم
منذ عصور سحيقة ضاربة في القدم.
لكن علماء الآثار لا يعلمون شيئا بالطبع عن زمن مقتل هابيل، ولا عن مكان القبر الذي ضم رفاته،
فهم لا يستندون في عملهم إلى النصوص الدينية المقدسة، وإنما إلى الآثار واللقى التي يستخرجونها
من خلال تنقيبهم للأماكن التاريخية، وأول تلك الآثار المتعلقة بالدفن كانت عبارة عن هياكل عظمية
لإنسان النياندرتال عثروا عليها مدفونة جزئيا في مغارة الكبارة في فلسطين وكهف شنايدر في شمال العراق،
والى جانبها عثروا على مجموعة من الأدوات البدائية الحجرية، الأمر الذي عده البعض دليلا
على ممارسة الدفن والطقوس الجنائزية منذ أكثر من ثلاثين ألف عام، لكن هذا استنتاج يدور حوله الكثير
من الخلاف والجدل، والرأي الراجح والمتفق عليه، هو أن المقابر الأولى للإنسان الحديث،
والتي لا لبس في أنها قبور حقيقية، تعود في حقيقة الأمر إلى حوالي 13 ألف سنة فقط،
وقد عثر المنقبون على تلك القبور البدائية داخل مغارات جبل الكرمل في فلسطين.
أطال الله بعمر الجميع