إذن، لأنه علينا أن نرى الرب ـ هذه الليلة ـ معلقاً على الصليب
كحمل مذبوح، أرجوكم أن نقترب إليه بخوف وتقوى.
ألم تروا كيف وقفت الملائكة أمام القبر، بينما لم
يوجد فيه جسد المسيح بل كان فارغًا؟ ولكن لأنه قد سبق
ووُضع فيه جسد الرب لذلك قدموا له كل الاحترام والوقار.
إن الملائكة التي هي أعظم منا وقفت باحترام ووقار أمام القبر الفارغ
ونحن الذين نقف أمام المائدة المقدسة التي عليها الحمل
نتصرف بضوضاء وضجة؟ كيف ننال إذن الغفران؟!!
إنني أرى كثيرين هذه الليلة يسببون ضجه ويصرخون ويزاحمون بعضهم بعضاً
ويتعاركون ويشتمون ويجلبون بالأكثر على أنفسهم عقاباً
بدلاً من الخلاص. لذلك أتحدث عن هذه الأمور من أجل خلاصهم.
ماذا تفعل أيها الإنسان؟ عندما تقف أمام المائدة المقدسة
والكاهن يرفع يديه إلى السماء داعياً الروح القدس لينزل
ويقدس التقدمات الموجودة على المائدة، علينا بالهدوء والسكون.
عندما تحضر نعمة الروح القدس وتنزل وتقدس التقدمات
عندما ترى الحمل المذبوح والمكسور، هل تفعل ضجة وإزعاج
ومشاجرات وشتائم؟ كيف تستطيع أن تستمتع بهذه الذبيحة
وأنت تُقبل على هذه المائدة بطريقة مزعجة؟
ألا يكفي أننا خطاه ونشترك في هذه الذبيحة ولا نريد أن نتخلص
حينئذٍ من خطايانا؟ لأنه كيف نحفظ أنفسنا بعيداً
عن الخطايا حين نتشاجر، ونفقد هدوئنا، ويضايق الواحد الآخر؟
اخبرني لماذا تُسرع وتزاحم الآخرين عندما ترى الحمل المذبوح؟
لماذا إن كنت طول فترة الليل تحفظ صيامك, هل أتعبك هذا؟
انتظرت بإصرار طول النهار، ومعظم الليل
قد مرَّ، وأنت في هذه اللحظة تجعل تعبك هباءً؟
ينبغي عليك أن تعي ما يحدث أمامك ولأي سبب صار؟
فالمسيح قد ذُبح لأجلك وأنت تتجاهله بينما تراه مذبوحًا
وإن كان قد قيل: " حيث الجثة هناك تجتمع النسور" (مت24: 28).
فعلينا أن نفهم كنسور ما هذا الذي سال؟
إنه الدم الذي محا الصك الذي كان مكتوبًا عليه خطايانا، دم يطهّر النفس،
دم يغسل أوساخ الخطية، دم انتصر على السلاطين ورؤساء الشر.
لأنه يقول: " إذ جرّد الرياسات والسلاطين وأشهرهم
جهاراً ظافراً بهم فيه" (كو15:2). فكما أن النُصب التذكاري (للملوك)
يزين بأدوات وأسلحة النصرة. الغنائم عُلقت عالية فوق الصليب.
لأنه مثل ملك عظيم انتصر في معركة عظيمة, فإنه يضع فوق النُصب
التذكاري، في مكان عالٍ: الدرع والترس وأسلحة العدو، هكذا المسيح
إذ انتصر على الشيطان علق عاليًا على الصليب ـ كمثل نُصب تذكاري ـ
أسلحة الشيطان أي الموت واللعنة، لكي يرى الجميع هذا النصب:
القوات الملائكية التي هي في السموات والبشر الذين
على الأرض، والشياطين الشريرة التي هُزمت، الجميع يرونه.
ليتنا نبرهن بكل قدرتنا أننا جديرون بهذه الخيرات التي
قدمها لنا المسيح، حتى نكسب الملكوت السماوي بنعمة ومحبة
ربنا يسوع المسيح مع الأب والروح القدوس الذي
له المجد والكرامة من الآن وإلى أبد الآبدين آمين.
القديس يوحنا الذهبي الفم