✥✥✥✥✥✥ الاتكال على المشيئة الإلهية ✥✥✥✥✥✥
✥(تأمل للقديس سلوان الآثوسي) ( 1866 - 1938 )✥
إنَّ الشيء الأثمن في العالم هو معرفة الله و وعي مشيئته و لو جزئياً .
إنَّ النفس التي عرفت السيد ، عليها ، في كل حال ،
أن تتكل على المشيئة الإلهية و أن تحيا أمامه في المخافة كما في الحب ،
و في المخافة لأنه علينا أن نسهر لكي لا نحزن أو نغضب الله بأفكار شريرة .
... كيف ندرك أننا نحيا بدقة حسب المشيئة الالهية ؟
هاكم علامة ، إذا أحزنك الامتناع عن شيء ما ،
فهذا يعني أنك لست متكلاً بالكلية على المشيئة الالهية ،
رغم احساسك بأنك تعمل مشيئة الله .
أما الذي يحيا بحسب المشيئة الإلهية لا يغتمّ و لا ينهمّ لأي شيء .
فإذا احتاج لأي شيء ، فإنه يفضي بحاجته تلك إلى الله ،
و اذا لم يُحصل على هذه العطية التي هو بحاجة اليها ، فعليه أن يبقى ،
و برغم كل شيء ، هادئاً و كأنه حصل على ما يريده .
...إنَّ الذي يغتمّ لأجل نفسه لا يستطيع الاتكال على المشيئة الإلهية
بحيث تلقى نفسه الراحة في الله .
لكن النفس المتواضعة تتكل على المشيئة الإلهية و تحيا أمام الله برعدة و بحب ،
برعدة حتى لا نغضب الله في شيء في الحب لأن النفس نعرف كم يحبنا السيد .
إنَّ العمل الأهم بالنسبة للإنسان هو الاتكال على المشيئة الإلهية و تحمّل التجارب برجاء .
و اذ يرى الرب ألمنا ، لن يكلّفنا أبداً أكثر من طاقاتنا ، و اذا بانت آلامنا ثقيلة ،
فهذه هي العلامة أننا غير متكلين بعد على المشيئة الالهية .
إن النفس التي تعرف كيف تتكل على المشيئة الإلهية تجد الراحة فيها ،
لأنها تدرك بالخبرة و بالكتابات المقدسة أن السيد يحبنا و يسهر على نفوسنا ،
محولاً كل شيء إلى حياة جديدة بنعمته ، مغمورة بسلام و بحب .
إن الذي يعرف كيف يتكل على المشيئة الإلهية لا يحزن من أي شيء ،
حتى و لو كان مريضاً ، فقيراً أو مضطهداً ، لأن النفس تعرف أن السيد يهتم بنا بحنو .
و الروح القدس يشهد للأفعال الإلهية و يعرف الله و الله "يعرفه".
أما المتكبرون فإنهم لا يطيعون و لا يريدون الاتكال على المشيئة الإلهية او الامتثال لها ،
لأنهم يرغبون في اتمام مشيئتهم الشخصية المضرة جداً للروح .
قال الأنبا بيمن :
"إن ارادتنا تشبه حائط حلبة المصارعة المنتصب بين الله و بيننا ،
و هي تمنعنا من الاقتراب منه و تأمل مراحمه".
علينا أن نطلب دائماً من السيد سلام النفس حتى نتمكن ببساطة و بسهولة من إتمام وصاياه ،
لأن السيد يحب أولئك الذين يتشددون و يغصبون أنفسهم لعمل مشيئته ،
و هكذا يجدون سلاماً كبيراً في الله .
إن الذين يتممون مشيئة الله يرضون بكل شيء ، لأن نعمة المسيح تفرحهم .
لكن الذي يحيا في عدم الرضى دائماً و المتأفف الشاكي من المرض
أو من الذي أغضبه و أحزنه ، فليعرف جيداً ، أنه في حالة الكبرياء تلك ،
قد خلع عنه نعمة الشكر لله .
حتى لو تملكتك هذه الحالة لا تفقد الجرأة ، بل تقواّ وضع كل أمَلَك في الله
و اطلب منه عقلاً متّضعاً .
و عندما يقترب منك الروح القدس المتواضع ، ستبدأ بمحبته و تجد الراحة .
ان النفس المتواضعة تذكر الله دوماً و تفكر هكذا :
"ان الله خلقني و تعذّب لأجلي ، و هو يغفر خطاياي و يعزّيني و يغذّيني و يهتم بي ،
فكيف لي أن أهتم أو أخاف ، حتى و لو هددني الموت؟
إن السيد الرب ينير كل نفس ألقت أحمالها و ثقلها و انصاعت لمشيئته ،
لأنه هو قال:
"و ادعني في يوم الضيق فأنقذك و تمجدني" (مز15:49) .
إن كل نفس مضطربة أو مغتمة في شيء عليها أن ترجو السيد الخلاص و هو سينيرها ،
خاصة في حزنها و في الشدة ، و اذا لم يحصل المرء على رجائه فليرجع إلى أبيه الروحي
لأن أباه أكثر اتضاعاً منه فيساعده .