2- كهنوت المسيح:
أكمل المسيح دور العهد القديم الكهنوتي، فآدم كان الكاهن الأول
ولكن حين وقع في الخطيئة، سقط من كل وظائفه؛ فأتى المسيح
آدمُ الثاني، ليكمل هذا الدور.
فكهنوت العهد القديم لم يكن كافياً (عبر18:7-19)
وذبائح الثيران والعجول كانت تُعتبر غير فعّالة في الحصول على الخلاص (أشعيا11:1-17)
و(إرمياء 20:6)، لأن الله يريد قلوب نقية وأعمال حسنة (عبر16:13)
فالذبائح الطقسية كانت صورة عن الذبيحة الحقيقية
الذي هو المسيح فصحنا (1كور7:5).
فالكهنوت العبراني كان يُتَمَّم من خلال تقديم الذبائح
لمصالحة العبرانيين مع الإله الرحيم يهوه
أما الكهنوت المسيحي فقد اكتمل مرة وإلى الأبد عبر ذبيحة الجلجلة
التي قدمها الإله-الإنسان، والمخلص والوسيط الوحيد، يسوع المسيح
3- المسيح رئيس كهنة:
بعدما خرج الإنسان من طاعة الله، ومن فرح السكنى فيه
بدأت مسيرة الموت تلفّ حياته، بعد أن كانت غاية هذه المسيرة تحقيق مثال الله
والوصول إلى الحياة الأبدية.
فصار العالم بحاجة إلى كاهن كامل ليقدّم ذبيحة كاملة
صار بحاجة إلى وسيط عهد جديد (عبر 6:8، 15:9، 24:12)
وتحقق هذا في شخص يسوع المسيح الوحيد
الذي يبقى إلى الأبد، وله كهنوت لا يزول (عبر 24:7).
فالمسيح شاء باختياره أن يصير رئيس كهنة لنا أمام الآب
بعدما رأى أننا ساقطين، مضطهدين، هالكين بالموت
شاء بهذا أن يرحمنا، لهذا تقول الرسالة إلى العبرانيين
"لكي يكون رحيماً ورئيس كهنة أميناً في ما لله". (17:2)
أخذ جسدنا لأجل محبته للبشر، لكي يرحمنا، فكان ينبغي أن يصير
مشابهاً لإخوته في كل شيء، ما عدا الخطيئة كما يقول الرسول
حتى يصيروا قادرين أن يقبلوا منه كل ما هو له
وأسمى ما أعطى هو الكهنوت، الذي به يتمم عمل الخلاص والتقديس
فالمسيح صار رئيس كهنة لأجلنا، ويتساءل الذهبي الفم هنا
: لماذا الإبن فقط رئيس كهنة أمين؟
ويجيب لأنه هو القادر أن يحرّرهم من خطاياهم، أولئك الذين هو رئيس كهنتهم
لكي يقدّم الذبيحة التي يستطيع بها أن يطهّرنا، فهو لهذا صار إنساناً.
ويضيف الذهبي الفم: إننا كنا أعداء الله، محكوماً علينا، مزدرين
ولم يوجد أحد لكي يقدّم عنا الذبيحة، فرآنا في هذه الحالة ورحمنا
دون أن يحدّد لنا رئيس كهنة، لكن صار هو نفسه رئيس كهنة أمين
أي حقيقي وقادر، ولكي يظهر لنا كيف أصبح أميناً
يضيف لكي يكفّر عن خطايا الشعب .
وقد كنا بحاجة إلى رئيس كهنة كهذا، قدوسٍ لا عيب فيه
ليس بحاجة لأن يقدم كل يوم ذبائح عن خطاياه وعن خطايا الشعب
ولكن قدّم نفسه مرة وإلى الأبد لأجل خطايا الشعب
وهكذا صار هناك رئيس كهنة واحد حقيقي وذبيحة واحدة حقيقية
مستمرّان إلى الأبد .
إذاً الابن فقط كان قادراً أن يصير رئيس كهنة أمين
قادر أن يعطي كل شيء، ليس خارجاً عن ذاته بل من ذاته
فكان المسيح بهذا، الكاهن الحقيقي الأول، رئيس كهنة
فهو كإله وإنسان أعاد الشركة بين الألوهة والإنسانية
بعدما فصم آدم هذه الشركة، حين توقف عن تقديم ذبيحته لله
التي هي تسليم نفسه بطاعة له.
بهذا العمل جعلنا المسيح نسمع صوت الله
لأنه كلمة الله الذي صار جسداً، وبما أنه صعد إلى السموات بطبيعته البشرية
أصبح المدافع عنا أمام الله "الآب"، وهو يظهر أمامه مع ذبيحة
إذ قدّم نفسه إلى الآب،"مرة وإلى الأبد" (عبر 24:9، 27:7).
هذا العمل كواسطة بين الله والإنسان يسمى "كهنوت المسيح"
وبسبب هذا العمل الكهنوتي، صار المسيح رئيس كهنة
كما تقول الرسالة إلى العبرانيين (21:7) .