"هذا ما فعلته من أجلك، وأنت ماذا فعلت يا ترى من أجلي"
*****
تختلف نظرة الناس نحو الصليب.
منهم من يرفضه متسائلاً كيف يمكن الآب أن يسمح بصلب ابنه؟
ومنهم من ينظر نظرة خائبة كخيبة التلاميذ من موت معلمهم!
وبعضهم ينظر نظرة معيرة كاللص على الصليب بقوله إن كنت ابن الله فخلص نفسك
وإيانا وغيرهم ينظر نظرة ازدراء كونه لم يقدر على أن يخلص نفسه.
منهم من ينظر اليه نظرة ضعف وهزيمة
وآخرون نظرة عار واحتقار.
كلها نظرات خاطئة إلى الصليب.
أما للرسول بولس فوجد في صليب المسيح مفخرته بقوله:
"وأما من جهتي، فحاشا لي أن أفتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح" (غل 6: 14).
واعتبر أن كلمة الصليب عند الهالكين هي جهالة
أما عندنا نحن المخلصين فهي قوة الله للخلاص (1 كو 1: 18).
وإذا من قيمة للصليب فلأنه ارتبط بشخص المسيح.
وكان ارتباطهما وثيقا ولم يفرق بينهما إلا القبر والقيامة.
الصليب هو الكأس الذي قبل يسوع أن يشربه نيابة عن البشرية
وأراد أن يصلب عليه فداء للخطأة.
وارتضى عليه أن يصير لعنة، لأنه ملعون كل من علق على خشبة (غل 3: 13).
على هذه الخشبة بذل يسوع نفسه من أجلنا ليقربنا الى الله
ويجري عملية المصالحة معه.
وعلى هذا الصليب جعل الله يسوع الذي لم يعرف خطية
خطية لأجلنا لنصير نحن بر الله فيه.
كما أنه بين محبته لنا، لأنه، ونحن بعد خطأة
مات المسيح من أجلنا.
فليس لأحد حب أعظم من هذا أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه.
وهناك أظهر المسيح طاعته الكاملة تنفيذا للمشروع الإلهي لخلاص البشرية
فدفع أجرة خطايانا بالكامل، وأسكت عدالة الله وسدد كل المطالب الإلهية
وتمم العمل للنهاية، بقوله قد أكمل، وأسلم الروح.
لقد قبل رب المجد أن يرفع على الصليب ليرفع خطايا العالم.
وأن يعلق عليه، وهو الذي يعلق الأرض على لا شيء ...
وقد وجه المسيح دعوة مشروطة على مر الزمن
إن أراد أحد أن يأتي ورائي، فلينكر نفسه ويحمل صليبه كل يوم، ويتبعني (لو 9: 23).
"ومن لا يحمل صليبه ويأتي ورائي فلا يقدر أن يكون لي تلميذا" (لو 14: 27).
هذا الإتباع مشروط بنكران الذات وحمل الصليب.
فإلى أي حد يعني لنا الصليب؟
هل نقبل بحمله؟
أم نكتفي برسمه على جباهنا وتعليقه على أعناقنا وعرضه على قوائم بيوتنا؟
وقف الكونت "نيقولاوس لودويغ زينزيندورف"، في 20 أيار 1719، في كاليري "دوسلدورف"
أمام لوحة للفنان "دومنيك وفيتي"، وهي لوحة عن المسيح
الذاهب إلى الصليب وتدعى "هوذا الانسان"
(والعبارة لبيلاطس البنطي في يوحنا 19: 5)
وكتبت تحتها عبارة:
"هذا ما فعلته من أجلك، وأنت ماذا فعلت يا ترى من أجلي"
هذه العبارة قادته إلى التوبة وتسليم نفسه للمسيح
وتكريس حياته لخدمته، فالتحق بجماعة المورافيين وقادهم
وأسس نهضة روحية وعملا إرساليا عظيما دام لمئة عام.