(4)
وكان فيهم ريسا ومعلم وسابق بالاعتراف وبالامانة بالمسيح، رجل يقال له الحارث الذي ذكرناه، وهو كان بن رجل حنيف، وهو كان ريس القوم ومتقدمهم.
وكانوا اهل المدينة قد عرفوا كفر الملك ونفاقه، فهربوا واختفوا في الجبال والمغاير واحجرة الارض. وليس كان فرارهم من الشهادة والسعادة، ولا الفزع منه، ولكن كان رجاهم ملكوت السما.
فكانوا في الصحاري يصلون ويدعون الذي يسمع دعوه فراخ الغربان فيرزقهم الطعم. وكذلك قال اشعيا النبي وهو على ذلك ان يخلصون فيكونوا بقية زرع في طاعة الله وعبادته. كما قال النبي اشعيا:
"لولا ان الله ابقا منا بقية زرعا لكنا مثل اهل سدوم وعمره واشباههم". ولكن لكيلا يهلكون ويبيدوا من قبل اللعين الكافر. فبلغ عده من اخذ من الرجال والنسا والشباب والصبيان والشيوخ من اهل المدينة والكورة مما حولها اربعة الف ومايتين واثنتين وخمسين نفسا. فقتلهم على الاعتراف والشهادة بالمسيح. ورفضوا بالدنيا الذاهبة التي هي دار الغرور والباطل.
وانه عندما اراد ان يقتل الشهدا جمع النسا واولادهن وجعلهن في بيت على حدة، مقابل الرجال. فصنع ذلك يريد ان يرفق بهم ويطغيهم باللين وحسن اللفظ، لكيما يكفرون بالمسيح. واذ هم اجمعين: الرجال والنسا والصبيان، يدعون دعوة واحدة باعلا اصواتهم ويقولون: "نعوذ بالله ان يكون لنا هذا! ولكنا نكفر بالاهل وبكل ما في هذه الدنيا، وبعد ذلك نحمل الصليب ونتبع منجلنا شهد على عهد بيلاطس البنطي".
فلما ري ذلك منهم الملك الملعون، جعل يكلمهم برفق ولين، ويطلب اليهم بخداع وحسن لفظ مع طمع كثير يطمعهم، ويقول لهم: "لا تضلون وتتبعون الذي يقال له المسيح، الذي ضربوه اباونا بالعصي وصلبوه وقتلوه، ولكن طيعوني وتهودوا، فتعيشوا مع بنيكم. وان لم تطيعوني فها تموتوا موتسو".
عند ذلك صاحوا النسا مع صبيانهم وبدوا وقالوا: "نحن نومن بالمسيح، ومنجل اسمه نموت طيبين الانفس. ونعوذ بالله ان نكفر به. ولكنا نسبحه ونعظمه وهو اله وابن اله، حيا دايما، ونحن له عبيد. ونسجد لصليبه، وعلى اسمه نموت. ونعوذ بالله ان نحيا بعد قتل ازواجنا".
فقال لهم الملك المنافق: "ايه النسوة، وترضون ان تموتوا في شان رجل ساحر وضال؟".
وان عشرة منهم من الصالحات وممن اكتسين كسوة العفاف والعذره وقالوا للملك اليهودي: "يقطع لسانك المجدف، وفاك النجس يسد ايه الكافر".
عند ذلك غضب الملعون غضب شديد، وامر ان يذهب بهن الى حفرة هناك ليضرب اعناقهم، حيث كان قتل قبلهم الشهدا. وكان عدد اوليك النسا الذين قتلوا، مايتين وسبعة وعشرين.
وكانوا الجند يجرونهم بشعورهم الى القتل وهن طيبات الانفس بذلك فرحات. فلما بلغوا المكان الذي امر ان يقتلوا فيه جعلوا الرهبانيات يطلبوا بعضهم من بعض ويقولوا: "اتركونا نحن نكون السابقات والاخذات هذه العطية الفاضلة، التي هي الشهادة.
لانا بخاتم العذره، ونحن لابسات الاسكيم الرهبانية الذي للملايكة، وان كنا ليس لذلك اهلا. وانتم تعلموا ان في اخذ القربان المقدس الذي به نطهر من خطايانا، وحياة الانفس، نحن كنا نتقدم الى ملكنا المسيح. والخدام كذلك كانوا يقدمونا الى اخذ القدس كنحوا مما ينبغي ان يكون في شكل الكنيسة وصواب الوضع فيها. وكنتم انتم تتقدموا على اثارنا الى القربان المقدس واخذه. فهذا مما يجمل بنا ان نتقدم الى كاس الموت قبلكم وقبل ازواجكم، ونذوق طعمه.
وكان هذا من قول النسا الرهبانيات بطيبة الانفس وبشاشة القلوب.
فاجابوا النسا العلمانيات وقالوا: ليس كذلك نفعل ها هنا لانا نسا الشهد وامهات الشهد. فينبغي لنا ان نقتل قبلكم لكيلا نري قتل ازواجنا واولادنا وكيف يموتون.
وكانت كل واحدة منهم تطلب الى من كان يسوقها الى الموت من اوليك الجند ان يوصي بها بالقتل.
(5)
وكان من حضر ذلك من الامم وساير من اتبع الملك الكافر من جميع من في تلك البلاد من الناس، لما راوا من الشدة والمنظر الفظيع، كانوا يضربون على وجوههم، وجدا، على ما يرون ببكا مر وصرير الاسنان وقرع على الصدور.
فضربت اعناق النسوة القديسات وهم يدعون بسم الاب والابن وروح القدس. عند ذلك قال الملك اليهودي الضال لعظمايه وهو كالمستهزي: " الا ترون الى ضلالة ذلك المصلوب، كم قدر على ان يجعل في الدنيا من اتباعه!".
ثم انه ارسل الى سيدة المدينة وكان اسمها دهما ابنت ازمع، وامر عدوا الله اناس من عظمايه وريسا قومه ان ياتوا بها بكلام حسن، وان يوقفوها قدامه بكرامة ودعة ورفق، يظن بذلك انه سايزيلها عن هواها.
وكانت لدهما ابنت ازمع من الحسن والجمال ما ليس لاحد من الناس مثله، فامر ان تحفظ مع ابنتيها، وكانتا ابنتيها ايضا لهما من الحسن والجمال ما ليس يوصف.
فلما اتوها رسل الملك في السجن، قالوا لها: "إن انت اطعت الملك على ان تكفرين بالذي يقال له المسيح، تعيش نفسك بكرامة وانفس ابنتيك".
فلما سمعت بما بعث به اليها الملك، قالت للرسول المبعوث اليها: "اذهبوا الى الملك واخبروه اني سارضيه فيما يسلني".
وانما ارادت بذلك لكي تخرج فتتبع بنات عمها اللاتي شهدوا قبلها.
فلما سمع بذلك الرسول منها اتوا بها الى الملك، وظللوا عليها بمظلة وهي تمشي لكيلا تصيبها ولا بنتيها الشمس، وكن يمشين وهن حييات الانفس، مستوحشات لانهن لم يحضرن في الشهادة مع بنات عمهن.
وكانوا الرسل يحملون المظلة وهم يمشون ليلا تصيبهم الشمس، لان دهما لم تكن اصابتها شمس قط، الا شعاعها فقط، فان ذلك ربما كان يدخل عليها وهي في خدرها، في بيتها.
فلما اوتي بهن قدام الملك اللعين الرجز الذكر الوسخ، قال الملك لدهما: "ايها المرة، لا يغرك سحر المصلوب، ولا تريدين ان تسلكون مع من قتل من اهل مدينتك من الرجال والنسا، لانك انت امرة لك حسب وكرم وموضع في البيت الشريف، من الحسن والجمال الذي اعطيت وابنتيك معك، وقد بلغني انه لم يراك رجل قط غير زوجك الذي تزوجتيه بالامر الجميل، وقد كان في فناء منزلك ثلثماية رجل يختلفون في امورك، وخدمتك وضياعك واموالك، الى يوم الناس هذا الذي انت فيه واقفة بين يدينا، فأطيعي الملك فتكوني مكرمة مني ومن الملكة في دار الملك".
وان المرة اجابته قايلة: "لست اكرم من انسان يعبد الهة كثيرة، ولا اساكن مجدف، ولا من يحب ان يكلف الناس التجديف، ومن يسمي الاهنا ساحر، وهو الذي جعل الملوك يملكون".
حينيذ امر ان يكشف راسها وراسي ابنتيها ويوقفون مكشوفات الروس.
فالتفتت القديسة فنظرت الى جماعة من النسا يبكين وينحن، فقالت لهن: "ايها النسا العفيفات الصالحات اللتين هن على هواي ومن كان منكن يهودية او حنيفية فاسمعن كلامي، انتن تعلمن اني امراة نصرانية مسيحية، وقومي اجمعين على ذلك من الدين ولله الشكر".
"وانتن تعرفن اي منزلة كنت عليها، وكان مالي كثير من الذهب والفضة والنحاس، ومن الخدم والمواشي والمزارع ولم يكون شي يعوزني، ولو كان في نفسي ان اتخذ زوجا بعد وفاة زوجي لفعلت، ولم يكون يقدر احد ان يتوهم علي باني فعلت غير السنة، وانا قايلة لكن اليوم اني املك من المال اكثر من عشرة الاف رطل من الذهب والفضة مختوم عليه".
"وانتن تعلمن انه ليس لمرة فرح اكثر من يوم عرسها، ثم بعد تلك الايام لا تزال في احزان واوجاع وشدة، واشد ذلك كله حين يحضر ولادها وحين يموت ولدها، وانا من بعد هذا اليوم اتبرا من هذه الاشيا كلها، واكون في الفرح مثل ايام عرسي.
وابنتي هاتين عذراتين، فنحن نتزوج جميعا في الشهادة كعرس الفرح عند عروس الحق يسوع المسيح بن الله الذي نشر بحلته لخمسة عذاري اللاتي حملن الزيت مع سرجهن.
وانتم يا خواتي تعلمن انكن نظرتن الى وجهي مرتين من الدهر، اما مرة ففي جلبة عرسي الفاني وغير دايم، وهذا الان العرس الدايم وغير الفاني.
واتفطن الي والى ابنتي لانا ليس دونكن في الحسن والجمال، ولا تظنوا اني بوجه قبيح وبنتي هاتين".
"نعلن تجاهكم يا معشر الحراير، وانتم يا جميع الجند والجيوش، انا بحسننا وبحفظ الله الذي يحفظ عذرة بناتي بغير فساد، مع انا بالمسيح اصطبغنا، ويشهد الله ان هذا الانسان لا يستطيع ان يصيرنا نكفر بالمسيح، وانتم اليوم لي شهد، وذهبي وفضتي فانه يشهد لي في الاخرة اني لم احبه بل اني قد كنت اعطي كل محتاج".
فلما سمع الملك ذلك منها قال لها: "اني صبرت عليك منذ حين وتركتك في سعة من الكلام، تتكلمين بما شيت في سمع العالم، لكيما اذا رايت وجدهن عليك وبكاهن لك، لعلك يرق قلبك لهن فتسمعين مني وتطيعيني".
فقالت له المرة القديسة: "تكلفني ايه الملك ان اكفر بالحياة الدايمة، واحيا في هذه الحياة الدنية حياة يسيرة، انا اخاف من النار والدود الذي لا ينام، فهو احب الينا ان نموت ولا نطيعك ايها الملك، لانا ان متنا على هذا الاعتراف حيينا الى الابد".
ثم التفتت الى ابنتيها وقالت لهن: "انظرن لا تكفرن بالممجد من السرافين، ملك السموات، يسوع المسيح، ابن الله الحي، الجالس على الكروبين، الممجد من السرافين، فحاش لي ان اكفر بذلك الملك".
حينيذ قال لها الملك وهو مغضب غضب شديد: "ايه المرة الطاغية، اعلمي اني ساعذبك عذاب شديد واقطع لحمك واخرج امعاك وانشر مخ راسك وبنتيك معك، حتى انظر هل ياتي ذلك الناصري الفاجر فيخلصك من يدي؟"
وان احدى ابنتيها، الصغرا منهن، وكانت ابنت اثنا عشر سنة اقتربت اليه وهي مغضبة، فملت فاها ريق ثم بصقت عليه حتى ملات وجهه اللعين الفاسق.
فلما روا ذلك الذين كانوا حوله يحملون السيوف المسلولة، الذين يقال لهم السيافين، غضبوا غضب شديد وضربوا اعناق ابنتي القديسة.
وان الملك اللعين امر بعض من كان حوله من الرجال ان يجمع الدم بكفيه ويسقيه لامهما، ففعلوا ذلك.
فلما ذاقت الدم قالت: "أشكرك يا المسيح بن الله انك هييت لامتك ان تذوق دم ابنتيها، قربان ذبيحة الشهادة".
عند ذلك امر الملك ان يضرب عنق القديسة، فتمت شهادة القديسات.
وان الملك قال لعظماه وريسا قومه: "اني لواجد في نفسي وجد شديد".
وحلف لخاصته واحباه وقال لهم:
"لقد حزنت على هذه المرة وعلى ابنتها حزن شديد لاني لم ارى فيما رايت على صورتهن وجمالهن، فمن اين وقع في النصاري مثل هاولي؟
واني لاعجب كيف يضلون في انسان مات موتة سو وسما نفسه الاها".
(6)
ولما كان من الغد، امر اللعين ان يوتى بالحارث القديس مع من كان معه محبوس، وكان عددهم ثلثماية رجل واربعين رجل، ثم قال: "لك اقول ايها الحارث الخبيث المعتق في ايام السو القديمة، لاي شي لم تشبه اباك الذي كان ريس المدينة والكور، وكانت له منزلة عند كل من كان قبلي من الملوك لنصحه وحرصه على مبالغة رضاهم؟
غير انك هممت بالنفاق وظننت في نفسك انك تكون ملك هذه المدينة وحولها، ورجاك بانسان مات موتة سو، وهو الذي سما نفسه الاها.
وقد رجوت انت ان تفلت من يدي، فالان فاشفق على نفسك وعلى كبر سنك، واحفظ شيباتك، وكن شيخا كريما، واحيي نفسك ومن كان معك ماخوذا ومغلولا.
فاما ان تكفر بالذي يقال له المسيح والا فانت تموت بموت سو كنحو من مات من النسا الاتي سبقنك، لانه لا يستطيع بن مريم ويوسف ان يخلص كل من قتلته في مدينتك وفيما يلي ارض سبا، ولا يقدر ان ينجيكم من يدي".
عند ذلك اجابه الحارث الكريم بالحق وقال: "اني في حزن شديد من النصارى المومنين كلهم وايضا منجل النصارى الذين في هذه المدينة، لاني قد قلت لهم وحرصت بهم كم من مرة، وامرتهم الا يفتحو ابواب المدينة فلم يطيعوني.
واشرت عليهم ايضا ان نخرج اليك فنقاتلك دون شعب المسيح فلم يرضون بذلك.
وانا كنت واثق، متكل على المسيح انا نغلبك ونقتلك ومن معك، وان كان معك الوف كثيرة، كما كان مع جدعون الذي قاتل بثلثماية رجل فغلب بعون المسيح.
انه هو المسيح ورضاه يكون، وهذه ماية الف وخمسة وثلثين الف اتت الينا منجل خطايانا، فلذلك لقينا ما ترى واسلمنا في يديك، وانت لم تاتي بصدق قط على فاك".
فقالوا له جلسا الملك: "هكذا يعلمك كتاب النصارى ان تجاوب الملوك؟ اما تعلم ان ملوك اليهود مسحا الرب؟"
اجاب الشيخ القديس وقال له: "زد في قولك قول الياس النبي حيث قال له اخاب ملك بني اسرائيل: "اني وجدتك مفسد اسرائيل". فاجابه عند ذلك الياس النبي وقال له: "بل انت المفسد، واهل ابيك المفسدين".
لانه ليس يخطي من وبخ ملكا حين يكفر ويتبع غير الناموس، فكيف لم يستح هذا ان يقول لي ان اكفر بالمسيح، كلمة الله، التي بها خلق كل شي في السما وفي الارض، وبها خلق الخلايق كلها: ما يرى وما لا يرى؟ وهو الذي نظر الى خلقه محبوسين في فخ الشيطان فلم يدعهم ولكن جعل لهم ناموس ووصية ليودب الناس بترك المعصية والاخذ بالطاعة.
فاما اسرائيل فما عمل من الشر ودب عليه، ثم رحمهم الله ايضا عندما ردهم من بابل، وان الخلق الذي خلق الله، على صورته وتمثاله، تهتك حين رفض بوصايا الله. فمنجل ذلك، المسيح الاهنا تنازل لمحبته فاتخذ الواقع، وصلب الخطية في جسده الذي اتخذ لنفسه، فصار ذبيحة لله الاب، بالجسد الموخوذ منا ومن جميع الناس.
فكيف اكفر بالذي صنع الينا هذا الخير كله وخلص جميعنا؟
ولعلي لا احيا في هذه الدنيا ساعة واحدة حتى لا تبقا فيه حياتي، وتريد انت ان تغربني من ملكوت السما؟".
"وانت ايه الملك الكاذب ملك ضعيف، حلفت لنا واعطيتنا عهدك، ثم لم تفي لنا بعهدك ولا بما حلفت، ولقد رايت ملوك وسادة في الهند وفي الحبشة وفي هذه الارض ولم ارى مثل الذي رايت منك، وكان عهدهم صادق، وان في العالم، الامم والقبايل وجميع الجنود يخضعون لهم بطاعة الله الذي جعلهم يملكون".
"وانا اقول لك ايها الملك علما يقينا: اني لا اتبع رايك اذ انت مجدفا على الله، رب المجد، العزيز العظيم، وان لي سلطان على نفسي فليس ازول عن الاعتراف بالله. وبحق طوبا لي لاني في كبر سني وانا اليوم بن خمسة وسبعين سنة فجعلني المسيح الاهي مستاهلا ان اموت منجل اسمه. والان عرفت ان الله يحبني.
ولقد كانت ايام حياتي كثيرة في هذه الدنيا وكان لي فيها بنون ورايت بنين اربع قرون، ولقد حضرت معاركا كثيرة مختلفة وسلمني منها المسيح. وانا افرح ايه الملك ان كبري كمل في شهادته مع شهادة هاولي القديسين".
"وانا ارجو من ربي المسيح، الذي اسواني ان اموت على اسمه ان لا ينتقص اسمي وذكري من هذه المدينة، وانا اصدق كما ان شجرة الكرم اذا نصبت في ايانها تطعم تمرة كتيرة، وكذلك سيكثر في هذه المدينة من النصارى وفي جميع ارض سبا.
وانا اقول لك ايها الملك، والله يشهد لي، انه ستعمر هذه الكنيسة التي انت احرقتها، واعلم ان الله سيقيم ملك في هذه الارض، ملك للنصارى، ويسقط ملكك ويبيدك ويبطل دعوتك وتقع سريعا".
ثم ان الحارث القديس التفت الى الشهدا القديسين الذين كانوا معه وصاح اليهم بصوت عالي وقال: "قد اسمعتكم ياخوتي ماذا كلمت به الفاجر الظالم!"
فاجابوه وقالوا: "نعم يا ابتاه الكريم قد سمعنا".
ثم قال لهم: "كيف ترون الشهادة؟ هل منكم احد خايفا ام جزعا من شر هذا الملك الملعون، فليعتزل عنا".
فقالوا له القديسين جميعا: "انا نقر بالله ونتقوا يا بونا بانا في هذه الشهادة جميعا نموت معك على اسم المسيح، وليس منا احد يفارقك".