الخلاص بين المفهوم الأبائي الأرثوذكسي
والبدع المتأثرة بـ انسلم، لوثر وكالفن"
"هل أنت مخلَّص؟!"
هذا السؤال هو تحدٍ متكررٍ يواجه المسيحي الأرثوذكسي من قبل البروتستانت الغيورين
على الإيمان ظاهرياً والذين يشعرون أنه من واجبهم أن تحدّوا الجميع بسؤالهم لكل إنسان:
"هل أنتَ مخلَّص؟!".
ومهما كان جواب الآخر ينبري البروتستانتي إلى التباهي بأنه من جماعة
"المخلَّصين" و"المولودين ثانية"،
وأنه إذا مات في هذه اللحظة فإنه سيطير إلى ملكوت السموات بضمانة لا تفوقها ضمانة!
هنا ينظر البروتستانتي إلى الآخر بشفقة ورثاء ولسان حاله يقول:
إن كنتَ لا تشعر بما أشعر وإن كنتَ لا تؤمن بما أؤمن فلستَ مسيحياً مؤمناً وتستحق الرثاء والعطف والشفقة.
هذا الموضوع قد يستهلك الصفحات تلو الصفحات لدراسة كل أبعاده وجوانبه،
خاصة وأنه تأصلّه في الفكر المسيحي الغربي يعود إلى الأصول اللاهوتية
لهذا الفكر من فلسفية وأغسطينية.
من البديهي أن نتساءل أولاً ماذا يعني "الخلاص" في المسيحية؟
تعريف الكلمات والتعابير مهمٌ في كل نقاش وإلا لكان طرفا المناقشة في حديث طرشانٍ.
لأن الخلاص في الأرثوذكسية مختلف عنه في المسيحية الغربية (الكاثوليكية)؛
ومن هذه الأخيرة يستعير الفكر البروتستانتي ما يحلو له ويطيب.
الخلاص بالنسبة للأرثوذكسية هو الاتحاد بالله. لأن الإنسان لم يستطع أن يصعد إلى الله
قام الله "وطأطأ السموات ونزل" (مز 18: 9) بابنه الوحيد إلى الأرض ليعانق الإنسان
ويتحد به ويقدّسه ويخلّصه. توجد فروق في معالجة هذه المسألة بين الأرثوذكس
من جهة والكاثوليك والبروتستانت من جهة أخرى.
الغربيون يرون التعريف الأرثوذكسي للخلاص غريباً لأن نمط تفكيرهم
مقولب على قوالب التفكير الغربي السكولاستيكي المتأثّر بأنسلموس ولوثر وكالفن.