بيلاطس وإرضاء الناس...
أَ لسنا كثيرًا ما نلوم بيلاطس لأنه لم يستمع لصوت ضميره؟ ...
بينما نحن نفعل ما لسنا به مقتنعين، لمجرد إرضاء الناس؟
(( فصحيات .....57 ))
جاء في انجيل مرقس
((فبيلاطس إذ كان يريد أن يعمل للجمع ما يُرضيهم،
أطلق لهم باراباس، وأسلمَ يسوع، بعدما جَلَدَه، ليُصلب ......مر 15: 15 ))
لقد كان بيلاطس: مؤمنًا كل الإيمان ببراءة المسيح .. ذكيًا فاهمًا لدوافع رجال الدين ..
لم يتعامل مع قضية المسيح بتسرع، فقد استغرقت منه سبع جلسات.
ولم يتعامل معها باستهتار، فقد كان خائفًا،
بل وازداد خوفه عندما أخبره اليهود أن المسيح قال عن نفسه إنه ابن الله.
وكان مترددًا للغاية من جهة إصدار الحكم،
فحاول مرة ومرات أن يتخلَّص من القضية برمّتها، مرة بأن يحوّلها إلى هيرودس،
ومرة بأن يعرض إطلاقه على سبيل الرحمة كهبة العيد،
ومرة بأن يستثير شفقة الشعب بجلدِه دون صلبهِ.
لكن كل محاولاته فشلت، وكان مُحتمًا عليه اتخاذ القرار وتحمّل تبعاته، إما أن يأمر بصلبه،
وعليه حينئذٍ أن يواجه صرخات ضميره،
أو أن يطلقه ويخسر رضا الشعب عليه، الأمر الذي قد يطيح به من منصبه.
لقد فكَّر بيلاطس كثيرًا واحتار قبل أن يقرر ويختار،
وضميره أعلمه جيدًا ما هو الخطأ وما هو الصواب.
. لذا أقول ليست العِبرة بأن نفكر كثيرًا قبل أن نختار، لكن المهم هو الأساس الذي عليه نختار؟
أو الغاية من وراء الاختيار: هل هو إرضاء الله أم إرضاء الناس؟
لقد كانت مأساة بيلاطس تكمن في أن الأساس الذي بنى عليه القرار هو إرضاء الناس،
كما يقول الكتاب إنه أراد أن يعمل للجمع ما يُرضيهم!
ولم تكن المشكلة عند بيلاطس هي غياب الضمير الذي يرشده للصواب،
لكن كانت المشكلة هي محاولاته إسكات صوته،
بل والظن الغبي أن قليل من الماء قد يهدئ من روع الضمير الهائج.
أحبائي ..
أَ لسنا في كثير من الأحيان،
حتى في الأمور الروحية، نفعل ما لسنا به مقتنعين، لمجرد إرضاء الناس؟
دعونا نتذكَّر أن إرضاء الناس يجعلنا كما قال بولس:
لسنا عبيدًا للمسيح، بل قد يوقفنا مثل بيلاطس، في صف قتلة المسيح!!
أَ لسنا كثيرًا ما نلوم بيلاطس لأنه لم يستمع لصوت ضميره؟
بينما ضمائرنا تشهد ضدنا كل يوم أننا لا نسمع لها؟
أَ لم نَلُم بيلاطس، بل وسخَرنا منه، بدل المرة عشرات،
لأنه ظن أن قليلاً من الماء يغسل به يديه أمام الجمع سيجعله بارًا أمام ضميره؟
أَ لسنا نفعل هذا عندما لا نتوب عن شيء يوبِّخنا عليه ضميرنا
ونكتفي بأن نحضر اجتماعًا أو نذهب الى الكنيسة أو ندفع مالاً أو نشترك في خدمة أو نستضيف خادمًا؟!