نعمة العطية المجانية!
*************
من إحسانات الله علينا نحن الخطاة أنه أنعم لنا بالخلاص لهذا يقول بولس الرسول
"لأنكم بالنعمة مخلصون بالإيمان وذلك ليس منكم هو عطية الله" (أف 8:2)
وعن نعمة تبريرنا مجانا قال:
"متبررين مجانا بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح" (رو 24:3)
وقد علق على ذلك القديس أغسطينوس قائلا:
"بدون نعمة المسيح لا يمكن لصغير أو كبير أن يخطئ
وهذه النعمة لا تعطى مقابل أي شيء وإنما هي عطية مجانية"
وأفضل نوع من العطاء، هو أن يعطى الإنسان من أعوازه ...
أي أن يعطي وهو محتاج. هذا يكون عطاؤه ذا عمق. لأنه يحمل معنى التضحية،
بالإضافة إلى صفات العطاء الأخرى. وما أعمق ما قاله مرشد روحي في أحدى فترات المجاعة،
حيث قال:
"اذا لم يكن عنده ما تعطيه لهؤلاء المساكين." فصم وقدم لهم طعامك"
ومن هنا كان العطاء الذي يقدمه الفقراء مهما كان قليلا في كميته فهو في نوعيته أفضل مما يقدمه
الأغنياء من فضلاتهم. ولكن إن كنت خائفا وتخشى أن تعطي بسخاء لئلا ينفذ ميراثك
بسبب عطائك السخي وإنك فرضا قد تفتقر، فلا تقلق من هذا الموضوع وكن مطمئنا:
فإن ما يصرف في خدمة المسيح، وفي الأعمال السماوية (أي أعمال الخير) لا ينفذ.
وأنا لا أعدك بهذا على أساس كلامي فقط ولكني أعدك من خلال الإيمان بالكتب المقدسة
وبضمان الوعد الالهي.
فالروح القدس يتحدث على لسان سليمان و يقول:
"من يعطي: الفقير لا يحتاج ولمن يحجب عنه عينه لعنات كثيرة" (أم 28: 27)،
وهكذا يوضح أن الرحماء وفاعلي الخير لن يأتي عليهم وقت يحتاجون فيه إلى شيء،
وعلى العكس فالشحيح والعقيم سيأتي عليه وقت يجد نفسه في إحتياج.
هكذا يقول الطوباوى بولس الرسول الممتلئ من نعمة وحي الرب: "
والذي يقدم بذارا للزارع وخبزا للآكل سيقدم ويكثر بذاركم وينمي غلات بركم مستغنيين في كل شيء"
(2 كو 9: 10-11).
وأيضا: "لأن إفتعال هذه الخدمة ليس يسد أعواز القديسين فقط بل يزيد بشكر كثير بالله"
(2 كو 12:9)
لأنه عندما يشكر الفقراء الرب في صلواتهم على عطايانا وأعمالنا الصالحة فإن فاعل الخير يزداد غنى
كمكافئة له من عند الرب، والرب إذ ينظر إلى قلوب هؤلاء الرجال ويشجب قليلي الإيمان وغير المؤمنين.
يشهد في الإنجيل ويقول: "فلا تهتموا قائلين ماذا نأكل و أو ماذا نشرب أو ماذا نلبس
فإن هذه كلها تطلبها الأمم لأن أباكم السماوي يعلم إنكم تحتاجون إلى هذه كلها لكن أطلبوا
أولا ملكوت الله وبره وهذه كلها يقول أن هذه كلها تعطى وتزاد: تزاد لكم" (مت 6: 30-31)
لهؤلاء الذين يطلبون ملكوت الله وبره، لأن الرب يؤكد أنه عندما يأتي يوم الدينونة
فكل الذين فعلوا الصالحات في كنيسته سوف يقبلون في الملكوت.
أنت تخشى أن تخسر ميراثك الأرضي لو بدأت تتصدق منه بسخاء،
وأنت لا تعلم أيها الإنسان البائس أنه بينما تخاف أن تفقد ثروتك،
فإنك تفقد الحياة نفسها وتفقد الخلاص. وبينما تقلق من أن تقل أي من ممتلكاتك
فأنت لا تنتبه يا من تحب المال أكثر مما تحب نفسك أنك أنت ذاتك تقل،
وبينما تخاف على أموالك من أجل نفسك فان نفسك تهلك من أجل أموالك!
لذلك حسنا يقول الرسول: "لأننا لم ندخل العالم بشيء وواضح إننا لا نقدر أن
نخرج منه بشيء، فإن كان لنا قوت وكسوة فلنكتف بهما وأما الذين يريدون أن يكونوا أغنياء
فيسقطون في تجربة وفخ وشهوات كثيرة غبية ومضرة تغرق الناس في الغضب
و الهلاك لأن محبة المال أصل لكل الشرور الذي إذا ابتغاه قوم ضلوا
عن الإيمان وطعنوا أنفسهم بأوجاع كثيرة" (1 تى 6: 7-10).
هل تخشى من أن تتضاءل ممتلكاتك متى بدأت تمارس الصدقة بفيض؟
فمتى حدث أن نفذت ثروة رجل صديق؟
أليس مكتوب "الرب لا يجيع نفس صديق" (أم 3:10)؟
فإيليا أطعم بواسطة الغربان الذين خدموه في الصحراء،
وعندما كان دانيال محبوسا في جب الأسود بأمر الملك أعدت له وجبة من السماء,
وأنت تخشى من أن ينقصك الطعام عندما تعمل الخير وتكون مستحقا لخدمة الرب؟
فالرب نفسه يشهد في الإنجيل مبكتا الشكاكين وقليلي الإيمان ويقول: "
انظروا إلى طيور السماء أنها لا تزرع ولا تحصد ولا تجمع إلى مخازن وأبوكم السماوي يقوتها،
ألستم أنتم بالحري أفضل منها" (مت 26:6)
فالرب يطعم الطيور ويعطي القوت اليومي للعصافير، وأيضا تلك الكائنات التي ليس لها
أي إدراك بالأمور الإلهية لا ينقصها أبدا المأكل أو المشرب.
فهل تعتقد أنه ممكن للإنسان المسيحي، خادم الرب الم كرس لعمل الخير،
الذي هو عزيز في عيني الرب أن ينقصه أي شيء؟
هل تعتقد أن الذي يطعم المسيح (بإطعامه الفقراء) لن يطعمه المسيح؟
أو أن أولئك الذين وهبوا عطايا سماوية وإلهية يمكن أن تنقصهم أمور أرضية؟
من أين هذا الفكر الخالي من الإيمان؟
من أين هذا التفكير عديم التقوى والذميم؟
ماذا يفعل قلب غير المؤمن في بيت الإيمان؟
كيف تعتبر وتدعى مسيحيا يا من لا تؤمن بالمسيح على الإطلاق؟
فكلمة "فريسي" تليق بك بالأكثر! لأن الرب حينما كان يتكلم في الإنجيل عن العطاء
سبق وأعطانا التنبيه الوافي والشافي بأن نصنع لأنفسنا أصدقاء بأموالنا لكي ما نقبل في المظال
الأبديه
(لو 9:16).
وأضاف الكتاب المقدس الكلمات الآتية:
"وكان الفريسيون أيضا يسمعون هذا كله وهم محبون للمال فاستهزأوا به"
(لو 14:16)
فنحن نرى الآن مثل هؤلاء الأشخاص في الكنيسة. هؤلاء الذين لا يدخل نور التحذيرات الروحية
والخلاصية إلى أذانهم المغلقة وقلوبهم العمياء، فيجب ألا
نتعجب من إستهزائهم بالخادم في وعظه لأننا نرى أن أمثال هؤلاء قد استهزأوا بالرب نفسه.
† "تعرفون ألحق والحق يحرركم" †