"كم من وصايا ونصائح!
كم من تعليم وتوبيخ أعطيه للناس..
الخادم الوقور والمعلم والمتكلم الجيد وأحيانا القدوة الصالحة هذه كله أمام الناس...
هذه القبور المبيضة أمام الناس، الصرح الشامخ ولكنه خاوي من الداخل ليس به سوى العظام النتنة –
أتكلم كثيرا عن الصلاة وأصلي أمام الناس ولكني أكسل عن الصلاة بمفردي.
أخشى مواجهة النور وحدي لئلا يكشف الظلام الذي في داخلي،
من يخرجني من هذا الجحيم الذي هو ليس بعيد عني بل داخلي,,
حله الوحيد هو الخروج من ذاتي إلى ذات الله غير المحدود..
ليس سوى الإرتماء في أحضانه المليئة بالدفء والحنان،
أحضانه المبتلة بعرقه وملطخة يديه من وقع سياطي.
من يفتح قبري ليدخله النور سواك يا حنون حتى تأتي إلىَّ وتخلصني من ذاتي الشقية،
أريد ان أخرج تأوهي وتنهدي أمامك.
أريد أن أتعلم كيف أصرخ إليك..كيف أفضفض لك عن كل ما في قلبي، كل ما فى خاطري..
كثيرا ما أتكلم مع الناس ولكني قليلا ما أتكلم معك، ولا أجد مع الناس سوى الإشفاق أو الإعجاب أو الإعثار
ولكن قلما أجدك فى الناس – ولكني لا أجد من يٌفرج الحزن عني، متى تأتي يا رب وتطرح سلامك فيَّ؟
وتعطيني ان أفرح بك وأستغني بك عن العالم والناس وكل شئ؟ -
أرجوك يا رب أن تعطيني ان اطرح كل ثقتي فيك وحدك ولا اثق فى نفسي،
ارجوك ان تنقذني من السقوط في هوة اليأس من نفسي من البعد عنك، من كثر السقوط،
من عدم النجاح فى الخدمة، من عدم النجاح فى معظم الأشياء التي تمتد إليه يدي،
كل هذه الضغوط تود أن تحطمني وتهدم أسواري.
أرجوك يا رب ان تُسيِّج حول كرمتك وتضع بها زبلا وتسقيها لحظة بلحظة من ينبوعك الحي.
"كلما أردت أن أفعل الحسن أجد الشر أمامي"،
كلما حاولت أن أختلي بك أجد عوائق كثيرة ومواضيع جديدة لا تنتهي
لكي تحرمني منك،وأخرها هي ثقل الجسد ورغبته فى الراحة ولا يجد راحة..
ليس إلا أن تقتحم كل الحواجز وتخترق قلبي، تدخل حتى والأبواب مغلقة
وتمتلكه بكل المشاعر والعواطف والأحاسيس، بكل الملكات والأفكار،
بكل الحواس الجسدية والروحية، بكل ما فيَّ يارب بكل ما فيَّ؛
لأنه ما أحوجني إليك لأني فى حضنك بعيد عنك! ...
أمين
تعال أيها الرب يسوع"
المتنيح القس يوحنا نبيه