رغدة نائب المدير العام
عدد المساهمات : 18519 تاريخ التسجيل : 10/01/2014 العمر : 51 الموقع : لبنان
| موضوع: الحضارة المسيحيّة، قصّة حبّ بين الله والإنسان الأحد أغسطس 24, 2014 9:56 am | |
| الحضارة المسيحيّة، قصّة حبّ بين الله والإنسان ليكن لك ما تريدين. ( متى 28، 21:15)
كنعان تدلّ على ما كان يعرف بفينيقية، تلك الأرض الوثنيّة الّتي كانت تعبد آلهة متعدّدة والّتي يعتبرها اليهود أرض زناة. من هذه الأرض خرجت امرأة تصرخ بأعلى صوتها: " إرحمني يا سيّدي، يا ابن داوود! ابنتي فيها شيطان، ويعذّبها كثيراً ". ( متى 22:15). نادت هذه الكنعانيّة يسوع كما فعل ذلك الأعمى المبصر: " يا ابن داوود "، وليس يا يسوع النّاصريّ. ولكنّ أعمى أريحا كان ينتظر المخلّص، إلّا أنّ الكنعانيّة الوثنيّة تعترف بأنّ يسوع، ابن داوود، هو المسيح المنتظر والمخلّص على الرّغم من أنّ الوثنيين لا ينتظرون مسيحاً، ولا هم من شعب الله المختار بحسب الشّريعة اليهوديّة، ولكن هذا لا يمنع أنّهم سمعوا عنه في أنحاء تلك البلاد. وكما يبدو لنا في الآية ( 23) أنّ صراخ تلك المرأة كان قويّاً وملحّاً لدرجة أنّ التّلاميذ طلبوا من يسوع الّذي لم يجبها بأيّة كلمة، أن يصرفها. ولكن لا شكّ أن يسوع انبهر بإيمانها كما انبهر بإيمان الأعمى يوم صرخ: " يا ابن داوود ارحمني "، وعدم ردّه في البداية، ثمّ ردّه الّذي بدا قاسياً بحقّ هذه المرأة ليس سوى وسيلة يعلّم من خلالها من يظنّون أنّهم وحدهم شعب الله المختار، أنّ شعوب الأرض كلّها مدعوة للولوج في قلب الله، وأنّ كلّ شعوب الأرض هي شعب الله المختار. " إصرفها عنّا، لأنّها تتبعنا بصياحها! " (23:15)، بمعنى استجب طلبها كما يتّضح من جواب يسوع في الآية (24). وذلك يعني بأنّها لو لم تصرخ وتلحّ، لما اكترث لها التّلاميذ أو أنّهم أرادوا أن يستجيب يسوع لطلبها لأنّها أزعجتهم وليس لأنّهم أشفقوا عليها، أو لأنّهم غير مدركين لأهميّة رسالة يسوع الشّاملة. وهذا حال البعض منّا، فغالباً ما نقسو على من هم مختلفين عنّا بالإيمان ونعتقد أن يسوع بعيد عنهم وربّما لن يلبّي طلبهم. ثمّ يأتي جواب يسوع قاسياً: " ما أرسلني الله إلّا إلى الخراف الضّالّة من بني إسرائيل ". ( 24:15). وهنا لا نرى ردّة فعل للتّلاميذ وكأنّهم ازدادوا اقتناعاً بأنّ هذه المرأة تصرخ عبثاً، ولا يحقّ لها أن تنال رحمة الرّبّ، لأنّ يسوع هنا يجيب التّلاميذ وليس المرأة. سمعت المرأة الجواب وسجدت أمام يسوع وقالت: "ساعدني يا سيّدي! ". ( 25:15). هي تصرّ على أنّه يمكنه مساعدتها، لا بل هي واثقة أنّ هذا المرسل لبني إسرائيل والّذي ينتظره شعب الله المختار، هو فقط من يقوى على مساعدتها. فيجيبها يسوع: " لا يجوز أن يؤخذ خبز البنين ويرمى إلى الكلاب". كان اليهود، وما زالوا حتّى يومنا يعتبرون نفسهم شعب الله المختار، ويعتبرون أنّ باقي الشّعوب كلاب. ونقرأ في التّلمود، أنّ الله خلق نوعين من الحيوانات، الدّابّة منها، وغير اليهود، من أجل خدمتهم. ويسوع استعمل تعبيراً مألوفاً وليس غريباً لا على التّلاميذ، ولا على الكنعانيّة. ويرى البعض أنّ جواب يسوع أتى قاسياً أو مهيناً أو عنصريّاً إلّا أنّ جوابه أتى تعليميّاً، وسوف نرى لاحقاً أنّ يسوع أعطى للمرأة ما طلبت. لا ريب أنّه كان بمكان يسوع أن يستجيب للكنعانيّة دون أن تصرخ، لا بل كان قادراً على أن يلفت نظر التّلاميذ ببساطة إلى هذه الوثنيّة ويقول لهم ببساطة إنّه جاء من أجل الجميع. ولكنّ يسوع يحبّ أن يستفزّ ملكاتنا الإيمانيّة، وأن يرسّخ كلمته في أذهاننا بحيث يمتصّها عقلنا وقلبنا، فلا تضيع مع الزّمن بل تتجذّر فينا. المعلّم السّيّد يرغب أن نستنتج بخبرة شخصيّة مفاعيل كلمته، لا أن يلقّننا إيّاها، ويجعل منّا مستوعب معلومات إنجيليّة، حافظين لحروف ونصوص، فنعيش فعليّاً وعمليّاً الكلمة الإلهيّة. " نعم ، يا سيّدي! حتّى الكلاب تأكل من الفتات المتساقط عن موائد أصحابها "، ردّت الكنعانيّة ( 27:15). وكأنّ هذه المرأة تقول ليسوع: " طبعاً! أنت على حقّ. ومن قال إنّني أريد خبز البنين؟ فأنا يا سيّد لا أطمع بالخبز، بل ها أنا عند أقدام أصحاب المائدة أنتظر الفتات المتساقط لأنّي أدرك بثقة أنّ هذا الفتات من حقّي، وسأناله." إنّها المطالبة بحقّنا بمحبّة المسيح والامتلاء ثقة به، لأنّنا نعلم أنّه يستجيب حتّى قبل أن نطلب. لا يريدنا الرّبّ أن ننتظر مروره بل أن نركض إليه ونرتمي بين يديه، ونتحدّاه كما تحدّاه الأبرص: "إن شئت فأنت قادر أن تطهّرني!". وكما تحدّى أعمى أريحا ظلمة عينيه وخلع رداءه وركض نحوه. يريد أن يحرّكنا فننتفض ونثور على برصنا وعمانا وخمولنا وخنوعنا، فيتفاعل معنا ضمن هذه العلاقة الّتي نبنيها معه. لا يمكن لمن أحبّنا أوّلاً وبذل نفسه من أجلنا أن يرفض لنا طلباً. " ما أعظم إيمانك يا امرأة! فليكن لك ما تريدين." ( 28:15). لقد أبهرت هذه المرأة الوثنيّة يسوع بإيمانها وثقتها، ولو عدنا إلى ( متى 10:8)، سنجد جواباً مشابهاً لقائد المئة. " الحقّ أقول لكم، ما وجدت مثل هذا الإيمان عند أي أحد من بني إسرائيل ". إيمان الكنعانيّة وقائد المئة الوثنيَّيْن اتّسم بالتّواضع والتّسليم الكلّيّ لكلمة الرّبّ، ما عجز عنه بنو إسرائيل. والتّلاميذ أنفسهم بقي إيمانهم ضعيفاً حتّى بعد قيامة الرّب، وحتّى نحن اليوم نعجز أحياناَ عن تسليم ذواتنا بكلّيتها للرب. إيمان هذه المرأة " الوثنيّة "، حرّك المحبّة الإلهيّة فكان لها ما طلبت. " ليكن لك ما تريدين". يسوع المسيح ليس ساحراً، أو رجلاً خارقاً، إنّه هذا الحبيب الّذي دخل معنا بعلاقة حميمة ، والحبيب يعطي لحبيبه أفضل ما عنده. كذلك نحن إن أحببناه علينا أن نقدّم أفضل ما عندنا، وأفضل ما عندنا هو ثقتنا به ومحبتنا له. أعطنا يا ربّ، أن نحبّك أكثر فأكثر فيكفينا هذا الحبّ لنعلم أنّك دائماً حاضر لتفيض علينا بركاتك، وتلامس قلوبنا بحنانك، وتنير عقولنا بأنوار حبّك، أيّها الحبّ الأزليّ السّرمدي، ونبع الحنان الّذي لا ينضب ولا يجفّ. أنت الّذي يليق لك كلّ المجد والإكرام مع أبيك وروحك الحيّ القدّوس من الآن وكلّ أوان وإلى دهر الدّاهرين. أمين . مادونا عسكر/ لبنان أيقونة ضابط الكلّ/ أيمن نعمة -
| |
|
سعاد الادارة العامة
عدد المساهمات : 17886 تاريخ التسجيل : 10/01/2014 الموقع : لبنان
| موضوع: رد: الحضارة المسيحيّة، قصّة حبّ بين الله والإنسان الأحد أغسطس 24, 2014 10:25 am | |
| | |
|
رغدة نائب المدير العام
عدد المساهمات : 18519 تاريخ التسجيل : 10/01/2014 العمر : 51 الموقع : لبنان
| موضوع: رد: الحضارة المسيحيّة، قصّة حبّ بين الله والإنسان الأحد أغسطس 24, 2014 11:00 am | |
| | |
|