الحضارة المسيحيّة قصّة حبّ بين الله والإنسان

الحضارة المسيحيّة قصّة حبّ بين الله والإنسان
لماذا يسمح الله بالتّجارب؟
من المهمّ جدّاً أن نفهم معنى التّجربة أو المحنة كي نتعلّم كيفيّة التّعامل معها بعيداً عن اعتبار الله المسّبب المباشر لها. قديماً كان الإنسان يعتبر أنّ الله يرسل له المصائب كي يعاقبه على خطاياه، ولعلّ هذه الفكرة ما زالت مترسّخة في الفكر الإنساني، إلّا أنّ الحياة الإنسانيّة محفوفة بالتّجارب والصّعوبات، ولا بدّ للإنسان أن يختبرها حتّى يكوّن شخصيّته ويصقلها من خلال هذه التّجارب. إنسان بلا تجارب لن يتمكّن من التّمييز بين الخطأ والصّواب، وبالتّالي سيكون دائماً في خطر الاقتراب من شجرة معرفة الخير والشّر والابتعاد عن شجرة الحياة.
يقول القدّيس يعقوب في الفصل الأوّل من رسالته: " وإذا وقع أحد في محنة، فلا يقل، هذه محنة من الله! لأنّ الله لا يمتحنه الشّر ولا يمتحن أحداً بالشّرّ، بل الشّهوة تمتحن الإنسان حين تغويه وتغريه". ( يعقوب 14،13:1). فالمحن تمرّ بحياتنا تلقائيّاً من خلال صعوباتنا اليوميّة ومن خلال خبراتنا الحياتيّة، كما أنّه يحدث أن نختار المحنة أو التّجربة بقرار حرّ حين نفضّل رفض الكلمة الإلهيّة. ويسوع المسيح أوضح جليّاً في ( يو 3،2،1:9)، أنّ الله لا يمتحن أحداً بالشّرّ: وفيما هو مجتاز رأى إنساناً أعمى منذ ولادته، فسأله تلاميذه قائلين: " يا معلم، من أخطأ: هذا أم أبواه حتّى ولد أعمى؟ " أجاب يسوع: " لا هذا أخطأ ولا أبواه، لكن لتظهر أعمال الله فيه".
بيد أنّ الله يسمح بالتّجربة، وكثيراً ما نتساءل عن عدم تدخّله في إيقافها، إلّا أنّنا ننسى غالباً أنّ الله أب، وبالتّالي مربٍّ، ولا يتعامل مع الإنسان على أنّه آلة يسيّرها كما يريد. الله معنا دائماً ويرعانا ويرافقنا وينتظر، دون التّدخل المباشر بحياتنا إلّا إذا طلبنا ذلك. " اسألوا تعطوا، أطلبوا تجدوا، اقرعوا يفتح لكم" ( متى 7:7) والطّلب ليس بهدف إعلام الله ما لا يعرفه، وإنّما هو دلالة الثّقة بأنّ أبانا الحاضر في حياتنا يريد كلّ ما هو خير لنا. كما أنّه يريدنا أن نختبر الحياة كي تنمو إنسانيّتنا وتبلغ كمالها.
لا بدّ لنا أن نخوض التّجارب والمحن ونختبرها، ولكن ونحن على ثقة بأنّ الله معنا وفينا ويساعدنا على تخطّيها. ولو عدنا إلى مثل الابن الضال، لرأينا وفهمنا أنّ الله يعطينا الحرّيّة الكاملة في اختيار ما نريد، ويبقى منتظراً فاتحاً يديه لنا. الله حرّيّة ويتفاعل مع أحرار مثله، وبالتّالي يحترم حرّيّتهم وقرارتهم وإن كانت عن جهل، أو رغبة. ولنثق أنّه يعمل في حياتنا ولو شعرنا أحياناً أنّه لا يعمل، فهذا الشّعور ينتج عن التّشويش الرّوحي الّذي تسبّبه لنا المحنة.
الله معنا ويريدنا أن نكون معه، وأن نمسك بيده ونسير معه بثبات واثقين أنّه الأمين الّذي لا يتعب ولا ينام، والسّاهر أبداً علينا في المحن. " الربّ راعي فلا يعوزني شيء، في مراعٍ خصيبة يربضني، إلى مياه الراحة يوردني. يرد نفسي، يهديني إلى سبل البرّ من أجل اسمه. إذا سرت في وادي ظلّ الموت لا أخاف شراً، لأنك أنت معي. عصاك وعكّازك هما يعزيانني." (مزمور 4،3،2،1:23).

مادونا عسكر

» الحضارة المسيحيّة، قصّة حبّ بين الله والإنسان
» الحضارة المسيحيّة، قصّة حبّ بين الله والإنسان
» الحضارة المسيحيّة قصّة حبّ بين الله والإنسان
» الحضارة المسيحيّة، قصّة حبّ بين الله والإنسان
» الحضارة المسيحيّة، قصّة حبّ بين الله والإنسان