بعض رواد التقارب المسيحي اليوم، والعلاقات السريانية والقبطية:
في عصرنا هذا، والحمد لله، ظهر الرب يسوع لبعض رؤساء الكنائس،
وسقطت القشور من عيونهم ورأوا أن ينبذوا الأغراض الشخصية وأن يستغفروا عن ذنوب آبائهم.
فآباؤنا جميعاً قد أخطأوا بانقسامهم على ذاتهم، ولغيرتهم قد ابتعدوا عن ينابيع الروح القدس،
ولا يستطيع أحدنا أن يدعي أنه كان على حق أو هو على حق.
وآباؤنا جميعاً حادوا عن الحق دون أن يعلموا.
لقد ظهر في قرننا هذا أناس عبدوا الله بالروح والحق وأظهروا غيرة على الوحدة المسيحية، فقد عقد
مؤتمر بسيط في اوربا للإيمان والنظام سنة 1912م، وتجرأ بعض المسيحيين (البروتستانت) أن
يقولوا: لنسع لا يجاد الوحدة المسيحية.
وظهر غيرهم سنة 1927 من الإنجيليين وبعض الأساقفة
الأرثوذكس إذ عقدوا مؤتمراً في اوربا أيضاً.
وكان بينهم سلفنا الأسبق الطيب الذكر البطريرك أفرام برصوم في عهد مطرنته،
وبحثوا أمر التعاون المسيحي...
ليقربوا وجهات النظر العقائدية بين هذه الكنائس، وليجدوا سبلا للتعاون في هذا الميدان.
وسنة 1948 تأسس مجلس الكنائس العالمي وهو يضم الكنائس الأرثوذكسية والكنائس الإنجيلية،
وكنيستنا السريانية الأرثوذكسية عضو فيه منذ عام 1960.
وظهر الطيب الذكر البابا يوحنا الثالث والعشرون، أحد رواد الوحدة المسيحية البارزين في عصرنا هذا،
وقد حاول بعقده مجمع الفاتيكان الثاني، أن يجمع المسيحيين إلى طاولة واحدة للحوار
اولا ثم للتلاقي على طريق واحدة قد تؤدي بعون الله إلى اتحاد أو وحدة.
أما كنيستنا السريانية فقد لعبت ما كان يجب أن تلعبه من دور في هذا الميدان فبدأت بتعاونها مع الكنائس
المتحدة معها في الإيمان وهي الكنيسة القبطية والكنيسة الأرمنية وكنيستنا في الهند والكنيسة الحبشية،
وفي مؤتمر أديس أبابا اجتمعت هذه الكنائس (من 15 حتى 21 كانون الثاني سنة 1965) بأشخاص
رؤسائها وقررت التعاون في ميادين التربية الدينية، والحوار مع سائر الكنائس بدءاً من الكنائس
الأرثوذكسية الشقيقة.
وفي مجمع كنيسة الإسكندرية ومجمع كنيسة أنطاكية السريانية عام 1965 بحث آباء الكنيستين أمر
التعاون التام، وإعادة تبادل رسائل شركة الإيمان ويمين الشركة كما قرر المجمعان المقدسان أن يذكر اسم
البطريرك الأنطاكي بعد اسم البطريرك الإسكندري في الكنائس القبطية الأرثوذكسية في العالم وأن يذكر اسم
البطريرك الإسكندري بعد اسم البطريرك الأنطاكي السرياني في الكنائس السريانية الأرثوذكسية في العالم.
وانبثق عن مؤتمر أديس أبابا لجنة دائمة تواصل العمل لا لأجل تقدم الحوار فقط بل لأجل تقدم الوحدة
التامة والتعاون بين هذه الكنائس. ولئن توقفت هذه اللجنة عن عملها لأسباب سياسية
معروفة لما جرى في أثيوبيا من ثورات وانقلابات،
ولكننا نأمل أن شاء الله أن تعود اللجنة إلى عملها لما فيه التقارب المسيحي.
- نص القرارين اللذين اتخذهما مجمعا الكنيستين السريانية والقبطية بخصوص
إعادة العلاقات الأخوية بينهما
القرار الذي اتخذه مجمع الكنيسة القبطية الاسكندرية المقدس في دورته المنعقدة من 8 فبراير حتى 13 منه 1965:
علاقة الكنيسة القبطية بالكنيسة السريانية:
كانت بين كنيسة الاسكندرية وكنيسة أنطاكية ـ على مر العصور ـ اوثق الروابط،
ولقد كانت فرصة مؤتمر رؤساء الكنائس الشرقية الأرثوذكسية في أديس أبابا مناسبة مباركة أتاحت
للكنيستين توطيد العلاقات التاريخية وتجديد وسائل التعاون والخدمات المشتركة بينهما،
وبذلك أنهضت روح التآخي بين أبناء العقيدة الواحدة في بلاد الشرق الأوسط.
وبهذا الصدد اتخذ المجمع المقدس الاسكندري القرارات التالية:
1 ـ يعلن المجمع المقدس أن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والكنيسة السريانية الأرثوذكسية هما كنيسة
واحدة في الإيمان والعقيدة والمذهب، وليس بينهما أي خلاف في أمر من أمور الإيمان المسيحي.
2 ـ يقرر المجمع المقدس ذكر أسماء جميع الآباء بطاركة الكراسي الرسولية الأرثوذكسية
المتفقة معنا في العقيدة عند تقديم الذبيحة الإلهية في القداسات بالكنائس القبطية.
3 ـ كما يقرر أن تتبادل الرسائل الإيمانية بين الكرسي الإسكندري والكرسي الأنطاكي حسب التقليد والتاريخ
الكنسي.
- القرار الذي اتخذه مجمع الكنيسة السريانية الأنطاكية المقدس في جلسته المنعقدة في 14 نيسان 1965:
علاقة الكنيسة السريانية الأنطاكية بالكنيسة القبطية الإسكندرية
لقد كان انعقاد مؤتمر الكنائس الأرثوذكسية الشرقية في أديس أبابا فرصة مباركة أتاحت لرؤساء هذه
الكنائس أن يلتقوا ويتبادلوا وجهات النظر في شتّى مجالات التعاون الأخوي. ومن ذلك، اللقاء التاريخي
بين صاحبي القداسة مار إغناطيوس يعقوب الثالث بطريرك أنطاكية وسائر المشرق والأنبا كيرلس السادس
بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية مع وفدي الكنيستين الشقيقتين السريانية الأنطاكية والقبطية
الإسكندرية، الذي تمّ فيه بحث العلاقات الطيبة التي كانت تربط هاتين الكنيستين، بصورة خاصة، منذ
العصر الرسولي. وتقرر مبدئياً العمل على توثيق تلك العلاقات وتجديد روح التعاون والإخوة بينهما، سيما
وأن الكنيستين تشتركان في عقيدة واحدة. على أن يعرض ذلك كل من البطريركين على مجمعه المقدس
ليتخذ بذلك كل منهما قراره النهائي.
ويوم الأربعاء الموافق 14 نيسان 1965 التأم المجمع المقدس في دار البطريركية العامرة بدمشق
ودرس نتائج تلك المباحثات واتخذ بالإجماع القرارات التالية:
1 ـ يعلن المجمع المقدس أن الكنيستين السريانية والقبطية شقيقتان متحدتان بالإيمان والعقيدة، وليس
بينهما أي فرق مذهبي أو خلاف عقائدي.
2 ـ يقرر المجمع المقدس ذكر اسم قداسة البطريرك الإسكندري إلى جانب اسم قداسة البطريرك الأنطاكي
في أثناء تقديم الذبيحة الإلهية في الكنائس السريانية الأنطاكية.
3 ـ يقرر المجمع المقدس إعادة تبادل رسائل الإيمان بين الكرسي الرسولي الأنطاكي والكرسي الرسولي
الإسكندري بحسب التقاليد والتاريخ الكنسي، وذلك عقيب تنصيب بطريرك كل منهما.