جذور مصطلح السريانية
السريان الأرثوذكس هم طائفة مسيحية شرقية تُرجِع جذورها -بحسب تقليدها الكنسي- إلى رسل المسيح الأوائل [4]، فسلسلة بطاركة هذه الطائفة تبدا من القديس بطرس كبير تلامذة المسيح، واسم السريان بالنسبة لمؤرخي الكنيسة السريانية يشمل بمعنى اوسع معظم المسيحيين في بلاد الشام وبلاد الرافدين بغض النظر عن عقائدهم المذهبية، فالروم الأرثوذكس مثلا يسمون أيضا بالسريان الملكيين وذلك لانهم اثروا اتباع مذهب الملك البيزنطي مارقيانوس عقب مجمع خلقيدونية عام 451 م، وكذلك الموارنة الكاثوليك تسمى كنيستهم بالكنيسة السريانية المارونية وكذلك الكلدان الكاثوليك وهكذا بالنسبة لبقية كنائس المنطقة عدا كنيستي الارمن الأرثوذكس والأرمن الكاثوليك فهم أرمن، فالسريان (آراميو اللغة) أو السوريون هم سكان البلاد وأحفاد بناة حضارات سوريا وبلاد الرافدين (الهلال الخصيب) المتعاقبة قبل الفتوحات الإسلامية، وقد تحول بعض السريان أو السوريون إلي الإسلام بعد الفتح، فورثوا حضاراتهم القديمة قبل الإسلام بالإضافة إلي الحضارة الإسلامية التي شاركوا فيها.
السريان سميوا بهذا الاسم نسبة إلى سوريا وطنهم التاريخي Syria - Syrian فباللغة السريانية يطلق للشخص السرياني ܣܘܪܝܝܐ سوريايا/سوريويو أي سوري، أما العرب فقد استخدموا ذات اللفظة التي استعملها البيزنطيين للدلالة على الشعب القاطن بسوريا وهي سريان (باليونانية: Συρίαη) ولا زالوا يستعملونها حتى اليوم.
يتفق أغلب الأكاديميين أن لفظتي سرياني أو سريان (ܣܘܪܝܐ وهي نفسها سوري) اطلقها الإغريق القدماء على الآشوريين[8][9][10] حيث أسقطوا الألف في آشور (Ασσυρία، آسيريا) لتصبح سوريا (Συρία، سيريا) حيث استعمل هيرودتوس لأول مرة للإشارة إلى الأجزاء الغربية من الإمبراطورية الآشورية[11] ثم امتدت لاحقا لتشمل جميع المناطق المكونة لآشور بأعالي بلاد ما بين النهرين. كان عالم الساميات الألماني ثيودور نولدكه (Theodor Nöldeke) أول من أشار إلى رجوع السريان إلى الآشوريين سنة 1881 حيث استشهد كذلك بأعمال جون سيلدون (John Selden) سنة 1617[8] تم إثبات هذه النظرية بشكل قاطع بعد اكتشاف نقوش جينكوي الثنائية اللغة والتي ترجمت "آشور" بالفينيقية إلى "سوريا" باللوية.[12]
استنادا إلى كتابات المؤرخ البير أبونا والمستندة بدورها على تفسير ايليا (974 - 1046) مطران نصيبين النسطوري هناك شبه إجماع على أن السريان هو اسم ديني للكنيسة الانطاكية التي تكونت من السوريين وليس مدلول سياسي أوقومي ولم يكن يوما الاسم السرياني يشير إلى أمة بل إلى الديانة المسيحية.[13]. كما أشار المطران لويس ساكو أستاذ اللاهوت في جامعة بغداد والحاصل على دكتوراة في التاريخ المسيحي القديم، أن مصطلح "السريان" و"السريانية" أطلق منذ القرنين الثاني والثالث الميلاديّ على الآراميين وعلى الآرامية، أي على اللغة والثقافة التي سادت المنطقة في سوريا، بينما بقي الاسم الآرامي القديم غير مستحبّ ومرتبطاً بالوثنية. وبالتالي، يحسب السريان أنفسهم ورثة الآراميين مباشرة.[14]. بينما يعتبر البعض كالتنظيم الآرامي الديمقراطي أن "السريان أقلية قومية تعيش في بلدان الشرق الأوسط، وخاصة في سوريا وتركيا ولبنان والعراق والأردن، دون أن يُعطى لها الحق في ممارسة وجودها القومي ودون أن تعترف دول العالم بحقوقها" [15] بينما يعتبر حزب شورايا أو سورايا أن قوميا وسياسيا السريان هم الآشوريون وأتباع الكنيسة السريانية هم من أبناء الشعب الأشوري.
كان للسريان دور كبير في النهضة الفكرية والعلمية الإسلامية حيث اشتهر الكتاب السريان بدقتهم في الترجمة وخاصة ترجمة فلسفة أرسطو وأفلاطون وكانت لهذه الترجمات أثر كبير في بدايات الفلسفة الإسلامية حيث بدأ وتحديدا في عصر المأمون العصر الذهبي للترجمة ونقل العلوم الإغريقية والهلنستية إلى العربية مما مهد لانتشار الفكر الفلسفي اليوناني بشكل كبير وكانت المدرسة الفلسفية الأكثر شيوعا خلال العصر الهلنستي هي المدرسة الإفلاطونية المحدثة Neoplatonism التي كان لها أكبر تأثير في الساحة الإسلامية في ذلك الوقت [16].
ويشار إلى وجود جالية كبيرة في الهند تتبع هذه الكنيسة منذ القرون الأولى للمسيحية تتبعها عقائديا وروحيا إلا أنها تحتفظ باستقلالها الإداري إلى حد كبير.