السؤال : متى يأتي ملكوت الله؟
للتأمل: لوقا ١٧: ٢٠ - ٣٧
منذ القديم والبشر توّاقون إلى الفردوس المفقود. سواء كانوا من طالبي المثل العليا، أم من الاشتراكيين أم من الوطنيين أم من الشيوعيين أم من الرأسماليين .
الجميع يبحثون عن حياة سعيدة، لا حزن فيها ولا ضيق.
وهذا الفردوس الذي لقب في العهد الجديد بملكوت الله، كان يشغل بال الفريسيين وقد انتظروا أن يتحقق بمجيئ المسيح الموعود به ليملك عليهم، وتوقعوا أن يقترن المجيئ بظهور قوات إلهية.
وإذ أرادوا لأن يسمعوا رأي يسوع في ذلك سألوه :
مَتَى يَأْتِي مَلَكُوتُ اللهِ؟» (لوقا ١٧: ٢٠)
ولعلهم أرادوا أن يصطادوه بكلمة لكي يكون لهم ما يشتكون به عليه.
ولكن يسوع خيّب أملهم، إذ أفهمهم أن ملكوت الله روحي لا يأتي بمراقبة، أي أنه غير ظاهر لعيون الذين يراقبونه، وغير خاضع لحدود جغرافية أو زمنية فلا يقال:
هُوَذَا ههُنَا، أَوْ: هُوَذَا هُنَاكَ!» (لوقا ١٧: ٢١)
ولا يقال أنه يأتي غداً أو بعد غد لأن ها هو ملكوت الله في داخلكم .
هوذا الملك :
فِي وَسْطِكُمْ قَائِمٌ الَّذِي لَسْتُمْ تَعْرِفُونَهُ» (يوحنا ١: ٢٦)
وهو ينادي لكم بشرائع ملكوت الله ومبادئه وأنتم في غفلة لا تسمعون.
كان قصد يسوع أن يظهر لسامعيه أن ملكوت الله روحي يسود قلوب الناس ويخضع عواطفهم وأفكارهم لمشيئة الله فحيث يتوب الناس عن الخطية، ويؤمنون بالمسيح، ويولدون ثانية من الروح القدس، فهناك يكون ملكوت الله.
وهذا موافق لقول يسوع :
إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنْ فَوْقُ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَى مَلَكُوتَ ٱللّٰهِ» (يوحنا ٣: ٣)
ثم أعلن يسوع لتلاميذه أن ظهور الملكوت في تمامه ليس إلا صورة لمجيئه الثاني الذي هو غاية كل تاريخ العالم.
ولهذا نحن نعيش في ملكوت كان وما زال وسيبقى إلى الأبد وبانتظار مجيئ يسوع ثانية ستقوم ممالك كثيرة عظيمة.
ولكن حذار أن تؤمن بها، وتذكر أن المصلوب هو رمز حياتنا، ومن يحيا بحياته لن تشبعه متاع هذا العالم لا يغرك العالم وما فيه من شهوات لأن في هذه ما يثبط همتك ويجمدك في السطحية والكسل ونوم الموت.
قد ترفع المدنية المنظورة مستوى الناس المعيشي بدون الله.
أما نحن فننتظر علامة ظهور المسيح كالبرق لمحو الظلمات.
وحينئذ سيلمع برّ مواطني ملكوت الله.
كَمَا أَنَّ الْبَرْقَ الَّذِي يَبْرُقُ مِنْ نَاحِيَةٍ تَحْتَ السَّمَاءِ يُضِيءُ إِلَى نَاحِيَةٍ تَحْتَ السَّمَاءِ، كَذلِكَ يَكُونُ أَيْضًا ابْنُ الإِنْسَانِ فِي يَوْمِهِ» (لوقا ١٧: ٢٤)